فصل: التفسير الإشاري:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (161)}.
قوله: {وَمَا تَعْبُدُونَ} فيه وجهان، أحدُهما: أنه معطوفٌ على اسم {إنَّ}. و{ما} نافيةٌ، و{أنتم} اسمُها أو مبتدأٌ، و{أنتم} فيه تغليبُ المخاطبِ على الغائبِ؛ إذ الأصلُ: فإنكمُ ومعبودَكم ما أنتم وهو، فغُلِّب الخطابُ. و{عليه} متعلقٌ بقوله: {بفاتِنين}. والضميرُ عائدٌ على {ما تعبدون} بتقديرِ حَذْفِ مضافٍ وضُمِّنَ فاتنين معنى حاملين بالفتنة والتقدير: فإنكم وآلهتكم، ما أنتم وهم حامِلين على عبادته إلاَّ الذين سَبَقَ في عِلْمه أنَّه من أهل صَلْيِ الجحيم. فَمَنْ مفعولٌ ب {فاتِنين} والاستثناءُ مفرغٌ. والثاني: أنه مفعولٌ معه، وعلى هذا فيَحْسُنُ السكوتُ على {تعبدون} كما يَحْسُن في قولك: إنَّ كلَّ رجلٍ وضَيْعَتَه، وحكى الكسائيُّ أن كلَّ ثوبٍ وثمنَه والمعنى: أنكم مع معبودِيْكم مُقْتَرنون. كما يُقَدَّر ذلك في كلُ رجلٍ وضَيْعَتُه مقترنان. وقولُه: {مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ} مستأنفٌ أي: ما أنتم على ما تعبدون بفاتنين، أو بحاملين على الفتنة، إلاَّ مَنْ هو صالٍ منكم. قالها الزمخشريُّ. إلاَّ أنَّ أبا البقاء ضَعَّفَ الثاني: وكذا الشيخُ تابعًا له في تضعيفِه بعَدَم تَبَادُرِهِ إلى الفهم.
قلت: الظاهرُ أنه معطوفٌ، واستئنافُ {مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ} غيرُ واضحٍ، والحقُّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ. وجَوَّزَ الزمخشريُّ أَنْ يعودَ الضمير في {عليه} على اللَّهِ تعالى قال: فإنْ قلتَ: كيف يَفْتِنُونهم على الله؟ قلت: يُفْسِدونهم عليه بإغوائهم، مِنْ قولِك: فتن فلانٌ على فلانٍ امرأتَه، كما تقول: أَفْسَدها عليه وخَيَّبها عليه.
{إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ (163)}.
و{مَنْ هو} يجوزُ أَنْ تكونَ موصولةً أو موصوفةً.
وقرأ العامَّةُ {صالِ الجحيم} بكسرِ اللامِ؛ لأنه منقوصٌ مضافٌ حُذِفَتْ لامُه لالتقاءِ الساكنين، وحُمِلَ على لفظ {مَنْ} فأَفْرَدَ كما أَفْرد هو. وقرأ الحسنُ وابن أبي عبلة بضمِّ اللامِ مع واوٍ بعدَها، فيما نقله الهذلي عنهما، وابن عطية عن الحسن. وقرآ بضمِّها مع عَدَمِ واوٍ فيما نقل ابنُ خالويه عنهما وعن الحسن فقط، فيما نقله الزمخشريُّ وأبو الفضل. فأمَّا مع الواو فإنَّه جَمْعُ سَلامةٍ بالواو والنون، ويكون قد حُمِلَ على لفظ {مَنْ} أولًا فأفردَ في قوله: {هو} وعلى معناها ثانيًا فجُمِعَ في قوله: {صالُو} وحُذِفَتْ النونُ للإِضافة. وممَّا حُمِل فيه على اللفظ والمعنى في جملةٍ واحدةٍ وهي صلةٌ للموصولِ قولُه تعالى: {إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا أَوْ نصارى} [البقرة: 111] فأفرد في {كان} وجُمِعَ في هودًا. ومثله قولُه:
وأَيْقَظَ مَنْ كان مِنْكُمْ نِياما

وأمَّا مع عَدَمِ الواو فيُحْتَمَلُ أَنْ يكونَ جمعًا أيضًا، وإنما حُذِفَتْ الواوُ خطًا كما حُذِفَتْ لفظًا. وكثيرًا ما يَفْعلون هذا: يُسْقِطون في الخطِّ ما يَسْقط في اللفظِ. ومنه يَقُضُّ الحق في قراءةِ مَنْ قرأ بالضاد المعجمة، ورُسِمَ بغير ياءٍ، وكذلك {واخشون} {اليوم} [المائدة: 3]. ويُحْتمل أَنْ يكونَ مفردًا، وحقُّه على هذا كسرُ اللامِ فقط لأنه عينُ منقوصٍ، وعينُ المنقوصِ مكسورةٌ أبدًا وحُذِفَتِ اللامُ وهي الياءُ لالتقاءِ الساكنين نحو: هذا قاضِ البلد.
وقد ذكروا فيه توجيهَيْن، أحدهما: أنه مقلوبٌ؛ إذا الأصلُ: صالي ثم صايل: قَدَّموا اللامَ إلى موضع العينِ، فوقعَ الإِعرابُ على العين، ثم حُذِفَتْ لامُ الكلمة بعد القلب فصار اللفظ كما ترى، ووزنُه على هذا فاعُ فيُقال على هذا: جاء صالٌ، ورأيتُ صالًا، ومررت بصالٍ، فيصيرُ في اللفظِ كقولك: هذا بابٌ ورأيتُ بابًا، ومررتُ ببابٍ. ونظيرُه في مجردِ القلبِ: شاكٍ ولاثٍ في شائك ولائث، ولكنْ شائِك ولائِث قبل القلب صحيحان، فصارا به معتلَّيْن منقوصَيْنِ بخلافِ {صال} فإنَّه قبلَ القلبِ معتلٌّ منقوصٌ فصار به صحيحًا. والثاني: أنَّ اللامَ حُذِفَتْ استثقالًا مِنْ غيرِ قَلْبٍ. وهذا عندي أسهلُ ممَّا قبلَه وقد رَأَيْناهم يتناسَوْن اللامَ المحذوفةَ، ويجعلون الإِعرابَ على العين. وقد قُرِئَ {وله الجوارُ} برفع الراءِ، {وَجَنَى الجنتين دَانٌ} برفعِ النونِ تشبيهًا ب جناح وجانّ. وقالوا: ما بالَيْت به بالة والأصل بالِية كعافِيَة. وقد تقدَّمَ طَرَف مِنْ هذا عند قولِه تعالى: {وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٌ} فيمَنْ قرأه برفع الشين.
{وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (164)}.
قوله: {وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ} فيه وجهان، أحدهما: أنَّ {منَّا} صفةٌ لموصوفٍ محذوفٍ هو مبتدأٌ، والخبرُ الجملةُ مِنْ قولِه: {إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ} تقديرُه: ما أحدٌ منا إلاَّ له مقامٌ، وحَذْفُ المبتدأ مع مِنْ جيدٌ فصيحٌ. والثاني: أنَّ المبتدأ محذوفٌ أيضًا، و{إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ} صفتُه حُذِفَ موصوفُها، والخبرُ على هذا هو الجارُّ المتقدم. والتقدير: وما منَّا أحدٌ إلاَّ له مقامٌ. قال الزمخشري: حَذَفَ الموصوفَ، وأقامَ الصفةَ مُقامَه كقولِه:
أنا ابنُ جَلا وطلاَّعُ الثَّنايا

وقوله:
تَرْمي بكفَّيْ كان مِنْ أَرْمى البَشَرْ

ورَدَّه الشيخُ فقال: ليس هذا مِنْ حَذْفِ الموصوفِ وإقامةِ الصفةِ مُقامَه؛ لأنَّ المحذوفَ مبتدأٌ، و{إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ} خَبَرُه؛ ولأنه لا ينعقِدُ كلامٌ مِنْ قولِه: {وما منَّا أحد} وقوله: {إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ} مَحَطُّ الفائدةِ، وإنْ تُخُيِّل أن {إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ} في موضع الصفةِ فقد نَصُّوا على أنَّ {إلاَّ} لا تكونُ صفةً إذا حُذِف موصوفُها، وأنها فارقتْ غير إذا كانتْ صفةً في ذلك لتمكّنِ غير في الوصف وَعَدَمِ تمكُّنِ إلا فيه، وجَعَل ذلك كقولِه: أنا ابنُ جَلا أي: أنا ابنُ رجلٍ جَلا، و بكفَّيْ كان أي: رجل كان، وقد عَدَّه النَّحْويون مِنْ أقبحِ الضَّرائِر حيث حَذَفَ الموصوفَ والصفةُ جملةٌ لم تتقدَّمْها مِنْ بخلافِ قولِه مِنَّا ظَعَنَ ومنَّا أقام يريدون: مِنَّا فريقٌ ظَعَن، ومنَّا فريقٌ أقام وقد تقدَّم نحوٌ من هذا في النساء عند قوله: {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الكتاب إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ} [النساء: 159]. وهذا الكلامُ وما بعده ظاهرُه أنه من كلامِ الملائكةِ. وقيل: مِنْ كلامِ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم. ومفعول {الصافُّون} و{المُسَبِّحون}ز يجوزُ أن يكونَ مُرادًا أي: الصافُّون أقدامَنا أو أجنحتَنا، والمسبِّحون اللَّهَ تعالى وأنْ لا يُرادَ البتةَ أي: نحن مِنْ أهلِ هذا الفعلِ.
{إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172)}.
قوله: {إِنَّهُمْ لَهُمُ المنصورون} تفسيرٌ للكلمة فيجوز أن لا يكونَ لها محلٌّ من الإِعراب، ويجوزُ أَنْ تكونَ خبرَ مبتدأ مضمر أو منصوبةً بإضمارِ فعل أي: هي أنَّهم لهم المنصورون، أو أعني بالكلمة هذا اللفظَ، ويكون ذلك على سبيلِ الحكايةِ؛ لأنَّك لو صَرَّحْتَ بالفعل قبلَها حاكيًا للجملة بعده كان صحيحًا، كأنَّك قلت: عَنَيْتُ هذا اللفظ كما تقول: كتبتُ زيدٌ قائمٌ و إنَّ زيدًا لَقائمٌ. وقرأ الضحَّاك {كلماتنا} جمعًا.
{فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ (177)}.
قوله: {نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ} العامَّةُ على {نَزَلَ} مبنيًا للفاعلِ، وعبد الله ببنائه للمفعولِ، والجارُّ قائمٌ مقامَ فاعِله. والسَّاحةُ: الفِناءُ الخالي مِن الأبنية، وجَمْعُها سُوْحٌ فألفُها عن واوٍ، فتُصَغَّرُ على سُوَيْحَة. قال الشاعر:
فكان سِيَّانِ أَنْ لا يَسْرَحُوا نَعَمًا ** أو يَسْرَحُوه بها واغْبَرَّت السُّوحُ

وبهذا يتبيَّنُ ضَعْفُ قولِ الراغب: إنها مِنْ ذواتِ الياءِ؛ حيث عَدَّها في مادة سيح ثم قال: السَّاحة: المكانُ الواسعُ. ومنه ساحةُ الدار. والسَّائحُ: الماءُ الجاري في الساحة. وساحَ فلانٌ في الأرضِ: مَرَّ مَرَّ السَّائح، ورجلٌ سائحٌ وسَيَّاح انتهى. ويُحتمل أَنْ يكونَ لها مادتان، لكنْ كان ينبغي أن يذكرَ: ما هي الأشهرُ، أو يذكرَهما معًا. وحُذِفَ مفعولُ أبْصر الثاني: إمَّا اختصارًا لدلالةِ الأولِ عليه، وإمَّا اقتصارًا. والمخصوصُ بالذمِّ محذوفٌ أي: صباحُهم.
{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180)}.
قوله: {رَبِّ العزة} أُضيف الربُّ إلى العزَّةِ لاختصاصه بها، كأنه قيل: ذو العزَّة كما تقول: صاحبُ صِدْقٍ لاختصاصِه به. وقيل: المرادُ العزَّةُ المخلوقةُ الكائنةُ بين خَلْقِه. ويترتَّبُ على القولين مسألةُ اليمين. فعلى الأول ينعقدُ بها اليمينُ؛ لأنها صفةٌ من صفاتِه تعالى بخلاف الثاني، فإنه لا ينعقدُ بها اليمينُ. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في الآية:

قال عليه الرحمة:
{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171)} أي سبقت كلمتنا لهم بالسعادة، وتقدَّمَ حُكْمنَا لهم بالولاية والرعاية، فَهُم من قِبَلِنَا منصورون.
{إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172)}.
مَنْ نَصَرَه لا يُغْلَبُ، ومَنْ قَهَرَه لا يَغْلِب.
وجُنْدُه الذين نَصَبَهم لنَشْرِ دينه، وأقامَهم لِنَصْرِ الحقِّ وتبيينه. مَنْ أَراد إذلالَهم فَعَلى أذقانه يخرُّ، وفي حبل هلاكه ينجرُّ.
{فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (174)}.
توَلَّ عنهم- يا محمد- إلى أن تنقضيَ آجالُهم، وتنتهيَ أحوالُهم، وانتظِرْ انقضاءَ أيامِهم، فإنه سينصرم حديثهم وشيكًا:
{أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (176)}.
وإنما قال ذلك فيما كانوا يتمنون قيام الساعة، وكانوا يستعجلون ذلك لِفَرْطِ جهلهم، ثم لقلة تصديقهم. فإذا نزل العذابُ بساحتهم، وأناخ البلاءُ بعقوتهم فساء صباحهم. فتولَّ عنهم فَعَنْ قريبٍ سيحصل ما منه يَحْذَرون.
{سُبْحَانَ رَبِّكَ} تقديسًا له، وسلامٌ على أَنبيائنا، {وَالْحَمْدُ لِلَّهِ} أي هو المحمود على ما ساءَ أم سَرَّ، نَفَعَ أم ضَرَّ. اهـ.

.من فوائد الجصاص في السورة الكريمة:

قال رحمه الله:
{إنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُك فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} إلَى قَوْلِهِ: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ظَاهِرُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَأْمُورًا بِذَبْحِهِ، فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ إنَّمَا تَضَمَّنَ مُعَالَجَةَ الذَّبْحِ لَا ذَبْحًا يُوجِبُ الْمَوْتَ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ حَصَلَ عَلَى شَرِيطَةِ التَّخْلِيَةِ وَالتَّمْكِينِ مِنْهُ وَعَلَى أَنْ لَا يَفْدِيَهُ بِشَيْءٍ وَأَنَّهُ إنْ فَدَى مِنْهُ بِشَيْءٍ قَائِمًا مَقَامَهُ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ ظَاهِرَهُ قَدْ اقْتَضَى الْأَمْرَ قَوْلُهُ: {افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} وَقَوْلُهُ: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ظَاهِرُهُ قَدْ اقْتَضَى الْأَمْرَ بِالذَّبْحِ لَمَا قَالَ: {افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} وَلَمْ يَكُنْ الذَّبْحُ فِدَاءً عَنْ ذَبْحٍ مُتَوَقَّعٍ.
وَرُوِيَ أَنَّ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ نَذَرَ إنْ رَزَقَهُ اللَّهُ وَلَدًا ذَكَرًا أَنْ يَجْعَلَهُ ذَبِيحًا لِلَّهِ، فَأُمِرَ بِالْوَفَاءِ بِهِ.
وَرُوِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ابْتَدَأَ بِالْأَمْرِ بِالذَّبْحِ عَلَى نَحْوِ مَا قَدَّمْنَا وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ وَرَدَ بِذَبْحِ ابْنِهِ وَذَبَحَهُ فَوَصَلَ اللَّهُ أَوْدَاجَهُ قَبْلَ خُرُوجِ الرُّوحِ وَكَانَتْ الْفِدْيَةُ لِبَقَاءِ حَيَاتِهِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَعَلَى أَيِّ وَجْهٍ تَصْرِفُ تَأْوِيلَ الْآيَةِ قَدْ تَضَمَّنَ الْأَمْرُ بِذَبْحِ الْوَلَدِ إيجَابَ شَاةٍ فِي الْعَاقِبَةِ، فَلَمَّا صَارَ مُوجِبُ هَذَا اللَّفْظِ إيجَابَ شَاةٍ فِي الْمُتَعَقِّبِ فِي شَرِيعَةِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِاتِّبَاعِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إلَيْك أَنْ اتَّبِعْ مِلَّةَ إبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} وَقَالَ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ} وَجَبَ عَلَى مَنْ نَذَرَ ذَبْحَ وَلَدِهِ شَاةٌ وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ بَعْدَهُمْ فِي ذَلِكَ فَرَوَى عِكْرِمَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ: هُوَ نَحَرَ ابْنَهُ، قَالَ: كَبْشٌ كَمَا فَدَى إبْرَاهِيمُ إِسْحَاقَ.
وَرَوَى سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ عَلِيٍّ فِي رَجُلٍ نَذَرَ أَنْ يَنْحَرَ ابْنَهُ قَالَ: يُهْدِي بَدَنَةً أَوْ دِيَتَهُ شَكَّ الرَّاوِي. وَعَنْ مَسْرُوقٍ مِثْلُ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: يَحُجُّ وَيُهْدِي بَدَنَةَ.
وَرَوَى دَاوُد بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَامِرٍ فِي رَجُلٍ حَلَفَ أَنْ يَنْحَرَ ابْنَهُ قَالَ: قَالَ بَعْضُهُمْ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَبْشٌ كَمَا فُدِيَ إِسْحَاقُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ: عَلَيْهِ ذَبْحُ شَاةٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَوْ نَذَرَ ذَبْحَ عَبْدِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: عَلَيْهِ ذَبْحُ شَاةٍ.
وَظَاهِرُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَبْحِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ قَدْ صَارَ عِبَارَةً عَنْ إيجَابِ شَاةٍ فِي شَرِيعَةِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَوَجَبَ بَقَاءُ حُكْمِهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ نَسْخُهُ.
وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ إلَى حَدِيثِ أَبِي قلابة عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ».
وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَلْزَمُ الْقَائِلِينَ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ: عَلَيَّ ذَبْحُ وَلَدِي لَمَّا صَارَ عِبَارَةً عَنْ إيجَابِ ذَبْحِ شَاةٍ صَارَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ: عَلَيَّ ذَبْحُ شَاةٍ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَعْصِيَةً، وَإِنَّمَا لَمْ يُوجِبُ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى النَّاذِرِ ذَبْحَ عَبْدِهِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ ظَاهِرُهُ مَعْصِيَةٌ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ ذَبْحِ شَاةٍ فَكَانَ نَذْرَ مَعْصِيَةٍ.
وَقَدْ قَالُوا جَمِيعًا فِيمَنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَقْتُلَ وَلَدِي: إنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ ظَاهِرُهُ مَعْصِيَةٌ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ ذَبْحِ شَاةٍ وَقَدْ رَوَى يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: كُنْت عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إنِّي نَذَرْت أَنْ أَنْحَرَ ابْنِي قَالَ: لَا تَنْحَرِي ابْنَك وَكَفِّرِي عَنْ يَمِينِك فَقَالَ رَجُلٌ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ: إنَّهُ لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَهْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الظِّهَارِ مَا سَمِعْت وَأَوْجَبَ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُخَالِفٍ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي إيجَابِهِ كَبْشًا؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَذْهَبِهِ إيجَابُهُمَا جَمِيعًا إذَا أَرَادَ بِالنَّذْرِ الْيَمِينَ، كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ فِيمَنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ غَدًا فَلَمْ يَفْعَلْ وَأَرَادَ الْيَمِينَ أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ وَالْقَضَاءَ جَمِيعًا.
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الذَّبِيحِ مِنْ وَلَدَيْ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَكَعْبٍ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ أَنَّهُ إِسْحَاقُ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيّ أَنَّهُ إسْمَاعِيلُ.
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَوْلَانِ جَمِيعًا.
وَمَنْ قَالَ: هُوَ إسْمَاعِيلُ يَحْتَجُّ بِقَوْلِهِ عَقِيبَ ذِكْرِ الذَّبْحِ: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا} فَلَمَّا كَانَتْ الْبِشَارَةُ بَعْدَ الذَّبْحِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ إسْمَاعِيلُ وَاحْتَجَّ الْآخَرُونَ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِبِشَارَةٍ بِوِلَادَتِهِ وَإِنَّمَا هِيَ بِشَارَةٌ بِنُبُوَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا}.
قَوْله تَعَالَى: {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ} احْتَجَّ بِهِ بَعْضُ الْأَغْمَارِ فِي إيجَابِ الْقُرْعَةِ فِي الْعَبِيدِ يُعْتِقُهُمْ الْمَرِيضُ.
وَذَلِكَ إغْفَالٌ مِنْهُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَاهَمَ فِي طَرْحِهِ فِي الْبَحْرِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ كَمَا لَا تَجُوزُ الْقُرْعَةُ فِي قَتْلِ مَنْ خَرَجَتْ عَلَيْهِ وَفِي أَخْذِ مَالِهِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ خَاصٌّ فِيهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ دُونَ غَيْرِهِ.
قَوْله تَعَالَى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَلْ يَزِيدُونَ.
قِيلَ: إنَّ مَعْنَى أو هاهنا الْإِبْهَامُ، كَأَنَّهُ قَالَ: أَرْسَلْنَاهُ إلَى أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ، وَقِيلَ: هُوَ عَلَى شَكِّ الْمُخَاطَبِينَ؛ إذْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى لَا يُجَوِّزُ عَلَيْك الشَّكَّ. اهـ.

.التفسير الإشاري:

قال الألوسي:
ومن باب الإشارة في الآيات ما قالوا: {والصافات صَفَّا} [الصافات 1] هي الأرواح الكاملة المكملة من الصف الأول وهو صف الأنبياء عليهم السلام والصف الثاني وهو صف الأصفياء {فالزجرات زَجْرًا} [الصافات 2] عن الكفر والفسوق بالحجج والنصائح والهمم القدسية {فالتاليات ذِكْرًا} [الصافات 3] آيات الله تعالى وشرائعه عز وجل، وقيل الصافات جماعة الملائكة المهيمين والزاجرات جماعة الملائكة الزاجرين للأجرام العلوية والأجسام السفلية بالتدبير والتاليات جماعة الملائكة التالية آيات الله تعالى وجلايا قدسه على أنبيائه وأوليائه، وتنزل الملائكة على الأولياء مما قال به الصوفية قدس الله تعالى أسرارهم وقد نطق بأصل التنزل عليهم قوله تعالى: {إِنَّ الذين قَالُواْ رَبُّنَا الله ثُمَّ استقاموا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الملائكة أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بالجنة التي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت: 30] وقد يطلقون على بعض الأولياء أنبياء الأولياء.
قال الشعراوي في رسالة الفتح في تأويل ما صدر عن الكمل من الشطح: أنبياء الأولياء هم كل ولي أقامه الحق تعالى في تجل من مظهر تجلياته وأقام له محمد صلى الله عليه وسلم ومظهر جبريل عليه السلام فاسمعه ذلك المظهر الروحاني خطاب الأحكام المشروعة لمظهر محمد صلى الله عليه وسلم حتى إذا فرغ من خطابه وفزع عن قلب هذا الولي عقل صاحب هذا المشهد جميع ما تضمنه ذلك الخطاب من الأحكام المشروعة الظاهرة في هذه الأمة المحمدية فيأخذها هذا الولي كما أخذها المظهر المحمدي فيرد إلى حسه وقد وعى ما خاطب الروح به مظهر محمد صلى الله عليه وسلم وعلم صحته علم يقين بل عين يقين فمثل هذا يعمل بما شاء من الأحاديث لا التفات له إلى تصحيح غيره أو تضعيفه فقد يكون ما قال بعض المحدثين بأنه صحيح لم يقله النبي عليه الصلاة والسلام وقد يكون ما قالوا فيه إنه ضعيف سمعه هذا الولي من الروح الأمين يلقيه على حقيقة محمد صلى الله عليه وسلم كما سمع بعض الصحابة حديث جبريل في بيان الإسلام والإيمان والإحسان فهؤلاء هم أنبياء الأولياء ولا ينفردون قط بشريعة ولا يكون لهم خطاب بها إلا بتعريف أن هذا هو شرع محمد عليه الصلاة والسلام أو يشاهدن المنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم في حضرة التمثل الخارج عن ذاتهم والداخل المعبر عنه بالمبشرات في حق النائم غير أن الولي يشترك مع النبي في إدراك ما تدركه العامة في النوم في حال اليقظة فهؤلاء في هذه الأمة كالأنبياء في بني إسرائيل على مرتبة تعبد هارون بشريعة موسى مع كونه نبيًا وهم الذين يحفظون الشريعة الصحيحة التي لا شك فيها على أنفسهم وعلى هذه الأمة فهم أعلم الناس بالشرع غير أن غالب علماء الشريعة لا يسلمون لهم ذلك وهم لا يلزمهم إقامة الدليل على صدقهم لأنهم ليسوا مشرعين فهم حفاظ الحال النبوي والعلم اللدني والسر الإلهي وغيرهم حفاظ الأحكام الظاهرة، وقد بسطنا الكلام على ذلك في الميزان اه، وقال بعيد هذا في رسالته المذكورة: اعلم أن بعض العلماء أنكروا نزول الملك على قلب غير النبي صلى الله عليه وسلم لعدم ذوقه له، والحق أنه ينزل ولكن بشريعة نبيه صلى الله عليه وسلم فالخلاف إنما ينبغي أن يكون فيما ينزل به الملك لا في نزول الملك وإذا نزل على غير نبي لا يظهر له حال الكلام أبدًا إنما يسمع كلامه ولا يرى شخصه أو يرى شخصه من غير كلام فلا يجمع بين الكلام والرؤية إلا نبي والسلام اه، وقد تقدم لك طرف من الكلام في رؤية الملك فتذكر.
{إِنَّ إلهكم لَوَاحِدٌ} [الصافات 4] إخبار بذلك ليعلموه ولا يتخذوا من دونه تعالى آلهة من الدنيا والهوى والشيطان، ومعنى كونه عز وجل واحدًا تفرده في الذات والصفات والأفعال وعدم شركة أحد معهس بحانه في شيء من اوشياء، وطبقوا أكثر الآيات بعد على ما في الأنفس، وقيل في قوله تعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ} [الصافات 24] فيه إشارة إلى أن للسالك في كل مقام وقفة تناسب ذلك المقام وهو مسؤول عن أداء حقوق ذلك المقام فإن خرج عن عهدة جوابه أذن له بالعبور وإلا بقي موقوفًا رهينًا بأحواله إلى أن يؤدي حقوقه، وكذا طبقوا ما جاء من قصص المرسلين بعد على ما في الأنفس، وقيل في قوله تعالى: {وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ} [الصافات 164] يشير إلى أن الملك لا يتعدى مقامه إلى ما فوقه ولا يهبط عنه إلى ما دونه وهذا بخلاف نوع الإنسان فإن من أفراده من سار إلى مقام قاب قوسين بل طار إلى منزل أو أدنى وجر هناك مطارف {فأوحى إلى عَبْدِهِ مَا أوحى} [النجم: 10] ومنها من هوى إلى أسفل سافلين وانحط إلى قعر سجين {واتل عَلَيْهِمْ نَبَأَ الذي ءاتيناه ءاياتنا فانسلخ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشيطان فَكَانَ مِنَ الغاوين} [الأعراف: 175] وقد ذكروا أن الإنسان قد يترقى حتى يصل إلى مقام الملك فيعبره إلى مقام قرب النوافل ومقام قرب الفرائض وقد يهبط إلى درك البهيمية فما دونها {أُوْلَئِكَ كالأنعام بَلْ هُمْ أَضَلُّ} [الأعراف: 179] نسأل الله تعالى أن يرقينا إلى مقام يرضاه ويرزقنا رضاه يوم لقاه وأن يجعلنا من جنده الغالبين وعباده المخلصين بحرمة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين. اهـ.